0
كتبته : فجر الأمل
 
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


سأحكي قصة حـِـوار حصل بيني و بين صديقةٍ لي ..

كنتُ أتحدّث و إياها عن حُبِّ الآباء و الأمهات لأبنائهم و تاثيره على التنشئة ..

 
فسألتُها و قلتُ : هل حصل أن أتتْ أمّكِ مرة و ربـتـتْ على كتفكِ ، أو مثلاً هل فوجئتِ مرة و هي تقول لكِ (أُحبّكِ ) ؟؟

فردتْ بصيغة ساخرة و قالت : أوووه دائماً ، الأحضان و الحُبّ منتشرة عندنا في البيت !
و دائماً أمي تقول أنا أحبك و أنتِ حبيبتي !!

فضحكتُ من قولها و قلت : دعيني أسألكِ
هل لديكِ شكٌ بأن والدتكِ تحبّكِ ؟؟

قالت : لا طبعاً ، أصلاً أنا متأكدّة إنها تحبّني ، لكن للأسف أننا ما اعتدنا أن نظهر مظاهر الحُب و أساليبه .

قلتُ : طيب ، إذا مرضتِ مثلاً أو وقعتِ في مأزق ألا تجدين دموعَ أمكِ تسابق كلماتها ، و تجدين أن أمكِ تحمل هماً أكثر منكِ ؟؟

قالت : بلى .

قلتُ : و هل تعتبرين هذا من مظاهر الحُب ؟؟

قالت : نعم .

خلصتُ من هذا الحِوار بعدة نقاط ربما لا نتنبّه لها في معاملتنا مع الناس عموماً و في معاملة الآباء لأبنائهم خصوصاً .

من هذه النقاط :

أننا في الغالب لا نعرِف كيف نعبّر عن حُــبِّـنا للآخرين سواءً أبناء أو أصدقاء ..
كثيراً ما يتعطّش البنت أو يتعطّش الابن إلى كلمة ( أحـبــّـكِ ) تخرج رنّانة من شفاه والديهم لتعانق أنفساً متعطــّـشة لها .

و هذا الأمر يشتكي منه أغلب الأبناء ..
يقولون : لم نسمع في يوم من الأيام كلمات الحُب من أمهاتنا و آبائنا
لم نشعر في يومٍ من الأيام أننا محبوبون من والدينا ..
نعم نحن لا نشك في مدى هذا الحُب لكننا نريد أدلّة .

و السؤال الذي أطرحه ::
ألا ترون أننا دائماً لا نظهِر الحُبَّ إلا وقت الأزماتِ ؟!

نجد الأم و الأب صامتيـْـن طوال الدهر ، فإن وقعتْ على الابن مصيبة خرجتْ تلك المشاعر المدفونة !!

إما بدمعة عيْن أو لمسة حنان ( على استحياء ) أو حُزْن يبدو على ملامح وجه الأم أو الأب ..

فلماذا لم نعتــَـدْ على إخراج مشاعر الحُبِّ الصادقة بأي وقت ؟!

أليس للتربية أثرٌ كبير في ذلك ؟؟

فالآباء لم يعتادوا على أن يسمعوا أو يشعروا بالحُب من آبائهم ، و بالتالي نقلوا هذا الموروث إلى أنفسهم ثم إلى أبنائهم ؟!

و الأبناء بالتالي يتأثرون بهذا الطْبْع حتى وصلَ الحالُ إلى ما نرى الآن ..


إن من النتائج السلبية لهذا الأمر ..

أولاً / أن الأبناء قد يعتريهم شكٌ في صِدق محبة آبائهم لهم
(و قد حصلَ هذا الأمرُ و رأيتُ بنفسي نماذجاً له )

ثانياً / ستفتحُ هذه المشكلة على الأبناء باب البحثِ عن من يملأ ( فراغ العاطفة ) بأي وسيلة ! و عند أي أحد !
خاصةً إذا انعدمَ الوازعُ الديني عند الابن و الابنة .

ثالثا / أن الابن أو الابنة بمجرّد أن يتزوج كل واحدٍ منهما ، فسيهجرون بيتهم الذي تربّوا فيه و يتجّه الابن بالكلية إلى زوجته ، و تتجه البنت بالكُلية إلى زوجها ، خاصةً إذا وجدوا ما كانوا يبحثون عنه عن أسـَـرهِـم من مشاعر مفقودة في الرخاء ، موجودة في الشـِّـدة !

و هذا السبب الثالث قد يفسّر سبب عدم ارتياح الابن أو الابنة عند زيارتهم لأهليهم ، و حُب المكوث مع شريك الحياة ..
حتى يظن بعض الآباء أو الأمهات أن ابنهم عاق ( و اختطفتـْـه ) الزوجة .

رابعاً / ستكون مشاعر الابناء تجاه آبائهم مشاعر يغلفها البرود ، و ربما مع الأيام تتجمّد و قد تتكسّر .


و لعل هناك بعض الأساب التي لم أتنبّه لها ..

فهذه هي المشكلة أعرضها بين يديكم ، لعلنا نتجنّب الوقوع فيها
و نوجد لها حلول .

بقي أن أذكّر بالهدي النبوي في ذلك و أنه عليه الصلاة و السلام كان يُحبُّ و يُظهر ذلك الحُبَّ و يأمر غيره بإظهاره
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ [ أن رَجُلاً كانَ عِنْدَ النبِي صلى الله عليه وسلم فمـَرَّ به رَجُلٌ فقالَ : يَا رَسولَ اللَّه إِنِّي لَأُحِبُّ هذا
فقالَ له النبِي صلى الله عليه وسلم : أأعْلَمْتَهُ ؟
قالَ : لا
قالَ : أعْلِمْهُ . ]

و هكذا كان عليه الصلاة و السلام مع أصحابه و أهل بيتـِـه

فهل نتخذّه قدوة ؟؟


أسأل الله الإخلاص فيما كتبتُ و أن ينفع بكلماتي


و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

إرسال تعليق

 
Top